حصان السياسة يتعثر في وحل الشهادات المزورة قصة قيلش والاتحاد الدستوري
حصان السياسة يتعثر في وحل الشهادات المزورة قصة قيلش والاتحاد الدستوري

حصان السياسة يتعثر في وحل الشهادات المزورة : قصة قيلش والاتحاد الدستوري

حصان السياسة يتعثر في وحل الشهادات المزورة : قصة قيلش والاتحاد الدستوري

في قاعات حزب الاتحاد الدستوري، حيث يرفرف علم “الحصان” بكبرياء، لم يكن أحد يتوقع أن عضوا جديدا سيجر الحزب العريق إلى وسط عاصفة هي الأعنف في تاريخ التعليم العالي المغربي. كان الأستاذ أحمد قيلش قد انضم حديثا إلى صفوف الحزب، حاملا معه طموحات سياسية وشبكة علاقات واسعة، لكنه كان يحمل أيضا سرا ثقيلا سيتحول قريبا إلى فضيحة مدوية.
“الحصان يتعثر!” همس أحد المراقبين السياسيين عندما تناقلت وسائل الإعلام خبر تورط قيلش في قضية بيع الشهادات الجامعية. “كيف لم ينتبه الحزب لخلفية عضوه الجديد؟”

لم تكن تلك مجرد قضية فساد عادية، بل كانت نقطة تقاطع خطيرة بين السياسة والأكاديميا، بين طموحات السلطة وتجارة المعرفة. وكان على حزب الاتحاد الدستوري أن يتخذ قرارا سريعا بتجميد عضوية قيلش، في محاولة للنأي بنفسه عن الفضيحة، لكن السؤال الذي ظل يتردد في الأروقة السياسية: هل كان قيلش مجرد تفاحة فاسدة، أم أن جذور القضية أعمق مما يظهر للعيان؟

في زاوية قصية من مدينة أكادير، حيث تتعانق أمواج المحيط مع صخب المدينة، وفي ردهات جامعة ابن زهر العتيقة، كان الدكتور أحمد قيلش يجلس خلف مكتبه الفخم، يتأمل صورته المعلقة على الحائط بإطار ذهبي باهظ. كانت عيناه تلمعان بذلك البريق الذي يميز من يعتقد أنه فوق القانون، فوق الأخلاق، وفوق كل شيء.
لم يكن يعلم أن القدر يخبئ له مفاجأة من العيار الثقيل، وأن خيوط مؤامرته التي حاكها بعناية على مدى سنوات ستتكشف بسبب خلاف تجاري عادي، كما تتكشف أسرار الليل مع أول خيوط الفجر.

“مليار وثمانمائة مليون سنتيم!” همس التاجر الغاضب وهو يضرب بقبضته على طاولة المقهى. “هذا حقي، وسأستعيده حتى لو اضطررت لكشف كل شيء!”
كان ذلك هو الشرارة الأولى في قضية ستهز أركان التعليم العالي في المغرب. خلاف تجاري حول قطعة أرض، تحول إلى فضيحة مدوية عندما اعترف التاجر أنه حصل على شهادة ماستر دون أن تطأ قدماه الكلية، بفضل “خدمات” الدكتور قيلش.

في تلك الليلة، وبينما كانت أضواء أكادير تتلألأ في الأفق، كان قيلش يتقلب في فراشه، تطارده كوابيس الفضيحة والسقوط. لم يكن يتخيل أن إمبراطوريته التي بناها من بيع الأحلام على شكل شهادات ستنهار بهذه السرعة.

“ثمانية مليارات سنتيم!” صاح المحقق وهو يلقي بالملف على الطاولة أمام قيلش. “هذا ما وجدناه في حساب زوجتك المحامية. من أين جاءت هذه الأموال يا دكتور؟”
صمت قيلش طويلا، وكأن الكلمات تحجرت في حلقه. كان وجهه شاحبا كوجه ميت، وعيناه غائرتين كمن رأى شبحا.
“أريد محاميا،” همس أخيرا.
لكن المحامي لن ينقذه هذه المرة. فالتحقيقات كشفت عن شبكة منظمة، تضم محامين ونافذين في محيط الجامعة، تتاجر بالشهادات العليا كما يتاجر الصيارفة بالعملات.

في مقر حزب الاتحاد الدستوري، كان الاجتماع الطارئ يجري في جو من التوتر والقلق. الحزب الذي يرمز له بـ”الحصان” وجد نفسه فجأة في قلب عاصفة لم يكن مستعدا لها.

“قيلش حديث الالتحاق بالحزب،” قال أحد القياديين محاولا تهدئة الأجواء. “يجب أن نتخذ إجراء سريعا لتجميد عضويته حتى تنتهي القضية.”

وافق الجميع، لكن السؤال الذي لم يجرؤ أحد على طرحه: هل هناك آخرون من الحزب حصلوا على شهادات مزورة؟ وهل ستطالهم التحقيقات؟

في زنزانته الباردة، جلس قيلش وحيدا، يتأمل كيف تحول من أستاذ جامعي محترم إلى “تاجر شهادات” في عيون الناس. كيف تحولت الجامعة في يديه من منارة للعلم إلى سوق للبيع والشراء.
تذكر كيف كان يستقبل الطلاب “الخاصين” في مكتبه، يحدد لهم الأسعار كما يحدد الجزار أسعار اللحوم. ماستر بكذا، دكتوراه بكذا. وكيف كان يضحك في سره على نظام تعليمي سمح له بالعبث به لسنوات.

لكن الضحكة الآن تحولت إلى غصة في حلقه، والأحلام تحولت إلى كوابيس، والمستقبل الواعد تحول إلى جدران أربعة تحيط به من كل جانب.

في أروقة المحكمة، تهامس المحامون والصحفيون. “هناك أسماء ثقيلة،” قال أحدهم. “رجال أعمال، مسؤولون، شخصيات نافذة. كلهم حصلوا على شهادات من قيلش.”
الخوف يتسلل إلى قلوب كثيرين. من سيكون التالي؟ من ستطاله يد العدالة؟ هل ستقتصر القضية على قيلش أم ستطال شبكته بأكملها؟

في مكتب رئيس الجامعة، كان الاجتماع الطارئ يناقش تداعيات القضية على سمعة الجامعة والتعليم العالي في المغرب.
“هذه ليست مجرد قضية فساد،” قال أحد الأساتذة بحزن. “إنها طعنة في قلب العلم والمعرفة. كيف سينظر الناس إلى شهاداتنا بعد اليوم؟”
صمت الجميع، فالسؤال أثقل من أن تحمله إجابة.

وفي الشارع، كان الناس العاديون يتابعون القضية باهتمام بالغ. قصة قيلش أصبحت حديث المقاهي والمجالس.
“ثمانية مليارات!” يصيح أحدهم بدهشة. “يعني كم شهادة باع هذا الرجل؟”
“المشكلة ليست في البائع،” يرد آخر بحكمة. “المشكلة في المشتري. من اشترى هذه الشهادات؟ ومن سمح لهم بالوصول إلى مناصب بها؟”

وبينما تستمر التحقيقات، وتتكشف خيوط القضية يوما بعد يوم، يبقى السؤال الأكبر معلقا: هل قضية قيلش هي الاستثناء أم القاعدة؟ هل هي فساد فردي أم خلل منظومة بأكملها؟
في أكادير، حيث تتعانق أمواج المحيط مع صخب المدينة، وفي ردهات جامعة ابن زهر العتيقة، تبقى الإجابة معلقة كالسيف فوق رقاب الجميع. 

النهار24 – حميد الكمالي – تابعوا جديد أخبار النهار24 على : GOOGLE NEWS

whatsapp al nahar24
whatsapp al nahar24

شاهد أيضاً

تجاذبات سياسية في بوزمور مطالب بإصلاحات وتدقيق مالي

صراع سياسي في بوزمور: مطالب بإصلاحات وتدقيق مالي

صراع سياسي في بوزمور: مطالب بإصلاحات وتدقيق مالي في خضم توترات داخل مجلس جماعة بوزمور …

المصريين بالمغرب ينتخبون مجلسًا جديدًا منصة تعاون لتجاوز نقاط الخلاف

المصريين بالمغرب ينتخبون مجلسًا جديدًا: منصة تعاون لتجاوز نقاط الخلاف

المصريين بالمغرب ينتخبون مجلسًا جديدًا: منصة تعاون لتجاوز نقاط الخلاف في أجواء مفعمة بالحماس وروح …

كأس العالم 2030 وإصلاحات الطاقة محور قرارات ملكية حاسمة

كأس العالم 2030 وإصلاحات الطاقة محور قرارات ملكية حاسمة

كأس العالم 2030 وإصلاحات الطاقة محور قرارات ملكية حاسمة ترأس جلالة الملك محمد السادس، اليوم …

اترك تعليقاً