يعاني المغرب منذ العام الماضي مستويات تضخم مرتفعة. وقد تضرر منه خصوصا ذوي الدخل المحدود، حسب ما كشف عنه تقرير حديث للبنك الدولي، الأمر الذسي انعكس سلبا على القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين المغاربة، الأمر الذي دفع المعارضة البرلمانية ونقابات عمالية ووسائل الإعلام المحلية، إلى توجيه سهام الانتقاد إلى الحكومة التي يرأسها رجل الأعمال الثري عزيز أخنوش، فيما نظمت وقفات احتجاجية محدودة في مدن عدة، منعت السلطات جلها.
ولم يستصغي كثير من المحللين التبريرات الحكومية التي عزت هذا الارتفاع الصاروخي في الأثمان، إلى مضاربات في الأسعار، معتبرين أن الخرجات الحكومة ماهي إلى وسيلة للتهرب من المسؤولية وتغطية الشمس بالغربال، خصوصا عند إعلانها عن تشديد المراقبة في الأسواق علما أنها مسؤولة عن أثمنة البيع بالجملة التي تسهر المجالس الجماعية على تسيير أسواق الجملة.
واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن الإجراءات الحكومية “تبقى غير كافية”، داعيا خصوصا إلى إصلاح منظومة التسويق التي تعاني “حجما مفرطا للوسطاء (…) ما يذكي المضاربة”.
من جهته نبه الباحث في السياسات الزراعية عبد الرحيم هندوف إلى أن الغلاء يعود خصوصا إلى “تراجع العرض بعد ارتفاع كلفة الإنتاج جراء غلاء أسعار البذور والأسمدة، وتداعيات الجفاف الحاد الذي دفع العديد من المزارعين إلى التخلي عن الزراعة هذا الموسم”.
من جهة ثانية، أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن تفاقم سيبلغ 8,9 بالمئة نهاية يناير، وعزته أساسا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بحوالى 17 بالمئة وخصوصا الخضر والفواكه واللحوم، فيما أعلن الناطق باسمها الوزير مصطفى بايتاس تنفيذ أكثر من 64 ألف عملية مراقبة للأسواق منذ بداية العام وحتى 22 فبراير، ورصد أكثر من 3 آلاف مخالفة، وأكد الاستمرار في “مكافحة كافة أساليب الغش والاحتكار والمضاربة”، وكذلك تقرر وقف تصدير بعض الخضر إلى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء “منذ حوالى أسبوعين”، على ما أكد المسؤول في الجمعية المغربية للمصدرين نحو إفريقيا محمد زمراني لوكالة فرانس برس.
هذا وأصبحت خديجة العسري مضطرة في الفترة الأخيرة إلى شراء “كميات أقل” من حاجياتها بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق المغربية، ما يضع الحكومة تحت ضغط غضب اجتماعي مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد عادة تزايد الاستهلاك.
خلال تواجدها في سوق حي سيدي موسى الشعبية بمدينة سلا بجوار الرباط تشكو السيدة الستينية من “الارتفاع الكبير في ثمن الخضر والفواكه واللحوم مؤخرا.. أصبحت مضطرة لشراء كميات أقل”، بينما يشعر المتقاعد عبد السلام المهداوي (63 عاما) أن ما ينفقه أسبوعيا “تضاعف ثلاث مرات”، كما يقول قبل أن يركب سيارته عند مدخل السوق المطلة على المحيط الأطلسي. ويضيف “الجميع تضرر لكنني أستطيع التحمل.. أفكر في من هم أقل مني، خصوصا مع اقتراب رمضان”.
وتقول لطيفة عند مدخل السوق الممتدة على أرصفة شارع يتوسط بنايات سكنية، “الحمد لله بدأت بعض الأسعار تتراجع، لكن ثمن اللحم لا يزال مرتفعا.. نأمل الفرج من الله”.
في سوق سيدي موسى يشكو الباعة أيضا الغلاء، بينما ترتفع أصوات بعضهم من حين لآخر ترويجا لبضاعتهم، ويقول بائع الفواكه محمد حمالي (53 عاما) إنه بات مضطرا لبيع الأفوكادو بأقل من كلفته مؤكدا “أفضل من أن يظل هنا حتى يتلف!”. ويرى التاجر الذي يعيل أسرة من ابنين وزوجة عاطلة عن العمل، أن “الوضع يحتم على الحكومة أن تخصص دعما للمحتاجين”.
النهار24 – تابعوا جديد أخبار النهار24 على : GOOGLE NEWS
https://www.youtube.com/@alnahar24