حنان رحاب: العنف ضد النساء نزيف يهدد مستقبل المغرب
ألقت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات، عرضا مؤثرًا خلال ندوة نظمتها منظمة النساء الاتحاديات بفندق إيدو أنفا في الدار البيضاء، أثارت فيها قضايا شائكة حول العنف ضد النساء في المغرب، ليس باعتباره معضلة اجتماعية فحسب، بل كأزمة اقتصادية تهدد مسار التنمية المستدامة.
رحاب بدأت كلمتها بتحليل معمق لظاهرة العنف من زاوية غير مألوفة، حيث حذرت من التكلفة الاقتصادية الباهظة التي يتحملها المغرب جراء استمرار هذه الظاهرة. واستنادًا إلى تقرير المندوبية السامية للتخطيط لعام 2019، كشفت أن العنف ضد النساء يكلف الاقتصاد المغربي ما يقارب 2.85 مليار درهم سنويًا في النفقات المباشرة المتعلقة بالعلاج والدعم النفسي، بينما تصل التكاليف غير المباشرة، مثل فقدان الإنتاجية وغياب النساء عن العمل، إلى 517 مليون درهم. وأكدت رحاب أن العنف الزوجي وحده يستحوذ على 70% من هذه التكاليف، مما يعكس حجم الأزمة التي تعيشها الأسر المغربية بشكل يومي.
“الأمر لا يتعلق فقط بأرقام، بل بعبء اقتصادي واجتماعي يضعف الأسر والمجتمع بأكمله”، قالت رحاب بنبرة حازمة، مشددة على أن استمرار العنف يعني استنزافًا لموارد البلاد وإبطاء عجلة التقدم.
ما جعل خطاب رحاب أكثر تأثيرًا هو طرحها لقضية العنف الرقمي، التي اعتبرتها “التحدي الجديد الذي يُفاقم معاناة النساء”. التحرش الإلكتروني، التشهير، والابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت أشكالًا حديثة للعنف تؤدي إلى عزلة النساء في فضاء يُفترض أن يكون مفتوحًا للجميع. وأكدت أن العنف الرقمي لا يقل خطورة عن العنف الجسدي، بل يترك ندوبًا نفسية طويلة الأمد تعرقل مشاركة النساء في الحياة العامة.
رغم التقدم الذي أحرزه المغرب على المستوى التشريعي، ترى رحاب أن القوانين وحدها لا تكفي لمواجهة هذا النزيف الاجتماعي والاقتصادي. ودعت إلى ضرورة تفعيل سياسات شاملة تستثمر في التعليم والإعلام لنشر ثقافة المساواة، معتبرة أن “الاستثمار في حماية النساء هو استثمار في مستقبل البلاد”.
رسالة حنان رحاب في ختام الندوة كانت واضحة وصريحة: العنف ضد النساء ليس قضية هامشية، بل هو معضلة تمسّ كل فرد في المجتمع وتعيق تحقيق تطلعات التنمية. ودعت الجميع، من أسر ومؤسسات وأفراد، إلى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة هذه الظاهرة، قائلة: “التغيير يبدأ بالوعي، والوعي يبدأ من هنا”.
خطاب رحاب كان أكثر من مجرد تحليل للوضع الراهن؛ كان دعوة حازمة إلى التغيير وبناء مغرب أكثر عدالة، حيث لا تكون حماية النساء خيارًا، بل ضرورة وطنية.
النهار24 – حميد الكمالي- تابعوا جديد أخبار النهار24 على : GOOGLE NEWS