قرصنة سينمائية على الأراضي المغربية
من المفترض أن يكون المغرب وجهة مفضلة لصناع السينما العالمية، فهو بلد يحتضن تصوير أضخم الإنتاجات السينمائية بفضل مناظره الخلابة، وبنيته التحتية المتطورة، والتسهيلات التي يمنحها للمستثمرين في هذا المجال. لكن يبدو أن البعض لا يروق لهم هذا النجاح، فيفضلون نسف كل شيء بحماقاتهم.
الحديث هنا عن بعض المنابر الإعلامية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تجد حرجا في انتهاك القوانين، ونشر مشاهد كاملة من فيلم أمريكي ضخم يتم تصويره حاليا في المغرب، من بطولة نجم المصارعة والسينما جون سينا. هؤلاء لا يكتفون بالتقاط صور عابرة من مواقع التصوير، بل ينشرون مقاطع طويلة، تتضمن أحيانا مشاهد محورية من الفيلم، وكأنهم في سباق مع الزمن لكشف أسراره قبل أن يرى النور في قاعات السينما.
المشكلة أن هذا النوع من السبق الصحفي لا علاقة له بالإعلام، بل هو قرصنة سينمائية بلباس صحافي. فالشركة المنتجة للفيلم صرفت، ولا تزال تصرف، أموالا طائلة على هذا المشروع، وهي تراهن على عنصر التشويق والإثارة لجذب الجمهور. لكن حين تتحول مواقع التواصل إلى منصات لحرق الأحداث وتسريب المشاهد، فإن الضرر يصبح مضاعفا، وقد يدفع الشركة بعد انتهاء التصوير إلى اللجوء للقضاء لمتابعة كل من نشر مشاهد كاملة من الفيلم، والمطالبة بتعويضات ضخمة لن يستطيع أي مخالف دفعها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين هي الجهات المختصة من كل هذا؟ وأين هو احترام حقوق الملكية الفكرية؟ كيف يسمح لبعض المنابر المحسوبة على الإعلام بارتكاب هذه الخروقات دون حسيب أو رقيب؟ أم أن منطق الترافيك واللايكات صار أقوى من القانون؟
المغرب بلد يراهن على الصناعة السينمائية كقطاع استراتيجي، واستضافة الإنتاجات الأجنبية لا تعني فقط جلب الأموال، بل أيضا خلق فرص شغل، ونقل الخبرات، والترويج لصورة البلد عالميا. لكن حين يتعامل البعض مع الأمر بمنطق الهواية واللامبالاة، فإننا نخاطر بفقدان ثقة كبرى الشركات السينمائية، التي قد تفكر مستقبلا ألف مرة قبل أن تختار المغرب كموقع تصوير.
على الجهات المختصة أن تتحرك بسرعة لوضع حد لهذه الفوضى، قبل أن نجد أنفسنا في مواجهة أزمة قد تكلفنا سمعتنا السينمائية، وتضيع علينا فرصا اقتصادية لا تعوض.
النهار24 – حميد الكمالي- تابعوا جديد أخبار النهار24 على : GOOGLE NEWS
